Image placeholder

أسئلة وأجوبة مع الناشطة التونسيّة فطّوم وسلاتي: تأمّلات حول الدورة التدريبية السنوية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعام

  • Blog post

  • 11 August 2014

English»

المعهد: مع إقرار الدستور الجديد، ما ستكون برأيك أبرز التحديات التي ستواجه تونس؟

ف.و.: ما من شكّ أنّ تونس تواجه مرّةً جديدة تحديّات كبيرة – تتمثّل باعتماد النصوص التنفيذيّة لمواد الدستور؛ وإنفاذ الحقوق الدستوريّة الجديدة، مثل المساواة الاجتماعيّة الاقتصاديّة، والحريّة السياسيّة، وتعزيز المساواة بين الجنسين؛ والحدّ من التوتّر السياسي والاجتماعي؛ وتحسين ترتيب الاقتصاد الوطني.

ولا بدّ أيضًا من تلبية توقّعات السكّان وحاجاتهم، سيّما منهم الشباب، وذلك من خلال بذل جهود أكبر لخفض البطالة وجذب الاستثمارات. أمّا على المدى القصير، فلا بدّ من دعم الانتقال الديمقراطي ومن إدارة الانتخابات المقبلة بالشكل الملائم.

المعهد: هل يمكن لقطاعي النفط والغاز في تونس أن يولّدا الفرص؟

ف.و.: نعم، يمكن لقطاع النفط والغاز أن يساعد من خلال الدخل الّذي يدرّه. ولكن نظرًا للوضع الحالي للحوكمة، لا يمكن للموارد الطبيعيّة أن تدفع قدمًا بالتنمية الفعليّة والمستدامة. والواقع أنّ هذه الصناعة لا تقوم على المعايير الدوليّة أو حتّى المحليّة. فالإطار القانوني لهذا القطاع ضعيف، كما أنّ صياغة العقود رديئة. وفي سياق مماثل، يتعرّض القطاع لتهديد الفساد، وأخشى أن ذلك لن يجلب للبلاد سوى المشاكل.

في الوقت عينه، يمكن للنفط والغاز فعليًّا إطلاق عجلة الاستثمار وإيجاد المزيد من الوظائف إذا ما تمّت إدارتهما جيّدًا. وأنا أعتقد أنّ ذلك يحمل في طيّاته الكثير من التحديّات: كمواءمة الإطار القانوني الّذي يحكم القطاع الاستخراجي مع الحقائق الاقتصاديّة والاجتماعيّة الجديدة في دولة ما بعد الثورة؛ وإصلاح النظام المالي وقواعد جمع إيرادات الموارد الطبيعيّة وإدارتها؛ والتخلّص من الشوائب الكثيرة في العقود الأساسيّة واعتماد التعديلات؛ وإنشاء صندوق يجمع بين الإيرادات المختلفة ويضمن المراجعة الملائمة للحسابات من قبل هيئات تدقيق مختصّة؛ وزيادة الشروط البيئيّة. إلى ذلك، لا بدّ من إرساء التوازن بين الحاجات التنموية في المناطق المنتجة وحجم موارد الطاقة الّتي يؤمّنونها. ويجب أن يدخل كلّ ذلك ضمن استراتيجيّة تشجّع على بروز مصادر أخرى للطاقة المتجدّدة.

يستدعي السياق الانتقالي الحالي الّذي تلا الثورة مستوىً غير مسبوق من الشفافية والمساءلة العامّة. ويتعيّن تبرير القرارات الكبرى الّتي تُتخذ في مجال الطاقة لمجتمع مدني يزداد وعيًا باستمرار. ولهذه الغاية، يجب الإفصاح عن إيرادات النفط والغاز للشعب، وهو مالك هذه الثروات. وفي هذا الصدد، يمكن للانضمام لمبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجيّة أن يساعد، لكن يجب أن ترافقه مكافحة أكثر حزمًا للفساد المستشري في إدارة القطاع

المعهد: كيف يمكن لمنظّمة مثل منظّمتكم أن تعالج هذه التحديات واستغلال الفرص الناشئة عن النفط والغاز إلى أقصى حدّ؟

ف.و.: تضمّ الجمعيّة الّتي أنتمي إليها محترفين مكلّفين بالتدقيق في الأموال العامّة. ونحن نهدف إلى تجيير هذه الجهود لحث الحكومة على توسيع عمليّات مراجعة الحسابات التي نقوم بها في قطاع النفط والغاز. فهدف كلّ عمليّة مراجعة تكمن طبعًا في تحسين الإدارة من خلال الحوكمة الرشيدة والشفافية، وملاحقة الفاسدين، وضمان التنفيذ السليم للقوانين والمعاهدات الدوليّة.

المعهد: شاركت لتوّك في دورة شارك في تنظيمها كلّ من معهد حوكمة الموارد الطبيعيّة والمركز اللبناني للدراسات ضمن إطار الملتقى الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فما هو الدرس الأبرز الّذي استخلصته من الدورة، وكيف سيساعدك برأيك في عملك كناشطة؟ 

ف.و.: الدرس الأبرز الّذي استخلصته هو أنّ مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجيّة تشكّل أداة لمكافحة الفساد وضمان الشفافية والإفصاح عن البيانات الأساسيّة المتّصلة بقطاع النفط والغاز. وأنا أعتقد أنّ التدريب الّذي تلقّيته من المعهد سيساعدني على تعزيز مكافحتي للغش في قطاع النفط والغاز. وقد ساعدني التدريب أيضًا على تحديد البيانات التقنية والقانونيّة والإداريّة. وستتيح لي هذه الزيادة في المعارف والوعي بهذه المسألة الاضطلاع بدور أكثر فاعليّة كناشطة.

المعهد: أنّك، وعلى الغرار الكثير من الناشطين الآخرين في تونس وباقي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تعملين كمتطوّعة تشغل وظيفة بدوام كامل. ما نوع التحديات والميّزات الناشئة عن هذا الوضع؟ 

ف.و.: يطرح العمل كمراقبة عموميّة وكناشطة في الوقت نفسه التحديات لأنّني أحاول إيجاد الوقت لأؤدّي كلا الوظيفتين وأوفّق بين هذين الدورين. أمّا الجانب الإيجابي في هذا الوضع فهو أنّني كناشطة ذات خلفيّة اقتصاديّة وأكاديميّة، يمكنني استخدام خبرتي للدفع قدمًا بأهداف المجتمع المدني، كما أنّني أكثر اطّلاعًا على درجة احترام الحكومة للمجتمع المدني واستعدادها للعمل معنا والتعاون لوضع حدّ للفساد.

المعهد: كيف يمكن لمنظّمة مثل المعهد برأيك أن تقدّم أفضل مساعدة للناشطين أمثالك في تونس؟

ف.و.: يمكن للمعهد برأيي أن يساعد الناشطين التونسيّين من خلال التدريب، والمشورة، والدعم المالي، بالإضافة إلى مساندة أنشطتهم وتعزيز تدخّلاتهم. فإنّ دعم منظّمة دوليّة مثل المعهد للجمعيّات التونسيّة المحليّة يعطي قوّة ومصداقيّة ووزنًا لقضيّتنا

فطّوم وسلاتي تمثّل الجمعيّة التونسيّة للمراقبين العموميّين

هذا المقال هو أحد الآراء الثلاثة الّتي قدّمها مشاركون في ورشة "أساسيّات حوكمة النفط والغاز في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" وهي دورة تدريبيّة أقامها معهد حوكمة الموارد الطبيعيّة والمركز اللبناني للدراسات خلال أسبوعين منفصلين في حزيران/يونيو وتشرين الأوّل/أوكتوبر. وقد شهدنا هذه السنة هذا التدريب الأوّل من نوعه حول حوكمة الموارد الطبيعيّة لناشطين من المجتمع المدني وإعلاميّين من العراق ولبنان وليبيا وتونس. ولتعرفوا أكثر حول ملتقى المعارف، أو لتقرؤوا الآراء التي نشرها المشاركون الآخرون، يرجى منكم زيارة صفحة ملتقى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.