هل يمكن أن تكون احتجاجات الجنوب التونسي حافزا لتقدم الشفافية في الصناعات الاستخراجية؟
في أواخر حزيران، أعلنت وزيرة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة في تونس، السيدة هالة شيخ روحه، خطة مكوّنة من خمس نقاط تهدف الى دعم الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية. وفي الوقت الذي تصب فيه هذه الخطة في صلب التزام البلد بتنفيذ مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية (EITI)، تعتبر هذه اللحظة حاسمة بالنسبة لتونس.
تأتي هذه الخطوة بعد شهور من الاضطرابات والتساؤلات حول كيفية إدارة الموارد الطبيعية في هذا البلد الواقع فى شمال افريقيا. لعدة أشهر، حاول المتظاهرون في منطقة تطاوين عرقلة عمليات النفط والغاز وطالبوا بالمشاركة في عائدات الاستخراج. وخلال الأسابيع القليلة الماضية، اندلعت احتجاجات مماثلة في إقليم قبلي المجاور.
وقد قام معهد حوكمة الموارد الطبيعية (NRGI) بترجمة منشور باللغة الإنكليزية الى اللغة العربية، يهدف الى تسليط الضوء على كيفية تمكّن الحكومات الوطنية والمحليّة من العمل سويّة لمعالجة تحديات حوكمة الموارد، وذلك من أجل اثراء الحوار في تونس حول كيفية المضي قدماً في هذا المجال.
وكما هو الحال في العديد من المناطق الغنية بالموارد، يعتقد المواطنون في جنوب تونس أن منطقتهم غنية بسبب النفط وهم يشعرون بالضيق لأنهم لم يشهدوا تغييرات اجتماعية واقتصادية كبيرة. في تطاوين، طالب المتظاهرون بأن تحوّل الحكومة الوطنية 20٪ من عائدات النفط والغاز المستمدة من المنطقة إلى التنمية المحلية، وأن تقر استخدام عمالة محلية، وتنقل المقرات الرئيسية لشركات النفط من تونس إلى الأقاليم المنتجة من أجل تعزيز العمالة المحلية.
وردا على ذلك، أعلن رئيس الحكومة إنشاء لجنة وطنية لتقييم إدارة الموارد الطبيعية في تونس. وانتقدت بعض منظمات المجتمع المدني الغموض في تكوين هذه اللجنة، فضلا عن وظائفها، ودعت إلى اعتماد تدابير أخرى.
وقال كثيّر بوعلاق، الكاتب العام للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (INLUCC)، إن "تونس لن تعيد اختراع العجلة فيما يهم الشفافية في الصناعات الاستخراجية". وردا على انتقادات المجتمع المدني، أكّدت وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة التزامها بمبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية (EITI) وبمراجعة الإطار القانوني الخاص بالبلد.
ومن أجل الشروع بالعمل بمبادرة (EITI)، أعلنت الوزيرة شيخ روحه عن تشكيل مجموعة من أصحاب المصلحة المتعددين، والتي ستشارك هي في رئاستها، إلى جانب رئيس لجنة الطاقة في البرلمان التونسي. وباعتبارها العنصر الأول في عملية مبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية (EITI)، فقد حدد معهد حوكمة الموارد الطبيعية (NRGI) عملية الاختيار التشاوري كفرصة لوضع المبادرة كأداة حقيقية من شأنها جمع أصحاب المصلحة للرد على متطلبات المجتمع المدني والجهات الفاعلة المحليّة التي تشعر بالاستياء. وفي حالة تونس، تقترح NRGI أيضا تنسيق أفضل بين مختلف الجهات الحكومية، وخاصة وزارة المالية التي من المفترض أن تلعب دورا أكبر فيما يتعلق بتقاسم الإيرادات.
وتعد هذه أيضا فرصة جيدة للحكومة لتوضيح قواعد تقاسم الإيرادات على المستوى المحلي. تنص المادة 136 من الدستور التونسي لعام 2014 على أهمية تقاسم المنافع بين الحكومات الوطنية والمحلية. غير أنه في السنوات الثلاث الماضية، لم تقم الحكومة بعد بتفعيل هذه الاحكام عن طريق وضع القواعد التوجيهية لتحقيق ذلك.
وقد وجدت NRGI أن تقاسم العائدات مع الحكومات المحلية يعمل بشكل أفضل عندما تكون هناك أهداف واضحة حول سبب مشاركة البلاد للإيرادات، يتم تدوين تلك الأهداف في تشريعات مفصلة بحيث تتماشى صلاحيات الحكومات المحلية للنفقات مع عائدات الإيرادات الخاصة بها.
أنشأت إندونيسيا نظاما لتقاسم العائدات وسط انتقال سياسي، وشهدت كنتيجة تراجعا للعنف في بعض المناطق الغنية بالموارد. وقد تستطيع تونس أن تتعلم من هذا المثال.
وسام الهاني هو مكلّف ببرنامج تونس من معهد حوكمة الموارد الطبيعية (NRGI)؛ ريبيكا إويركس هي مديرة تنمية القدرات وتدعم عمل NRGI على المستوى المحلي, وئام المالكي، مساعدة برنامج تونس من معهد حوكمة الموارد الطبيعية