الانتقال الطاقي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: الطريق إلى مؤتمر الأطراف 28
الرسائل الرئيسية
- يتعيّن على بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الغنية بالنفط والغاز التخطيط للتأثيرات طويلة الأجل التي سيخلفها الانتقال الطاقي العالمي على أنظمتهم المالية، وتكييف خطط الاستثمار العام سعيًا إلى تحقيق إنتقال إقتصادي مستدام.
- يتعيّن على المجتمع الدولي والجهات المانحة مساندة دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تسعى للحصول على تمويل دولي للمناخ في تعزيز قدراتها على تطوير مشروعات الطاقة الخضراء القابلة للتنفيذ.
- يتعيّن على حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تركيز الانتقال الطاقي حول العدالة، والإنصاف، والمساواة للجميع. كما يجب أن يشمل مسار الانتقال العادل للطاقة نوعين من العدالة: العدالة الإجرائية، والتي تتعلق بمدى مشاركة الافراد في المسار الإنتقالي؛ وعدالة التوزيع، والتي تُمثّل مدى التوزيع العادل للآثار الإيجابية والسلبية للانتقال الطاقي.
- يتعيّن على حكومات المنطقة ان تؤمن مصلحة شعوبها فى مجال الطاقة لاسيما توفير احتياجاتها المحلية من الطاقة قبل تلبية حاجات الشمال العالمي من خلال الاتفاقات الدولية التي يتم توقيعها.
الخلفية والمقدمة
إن للانتقال الطاقي العالمي الحالي آثار عميقة على دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي تواجه مجموعة من التحديات والفرص متعددة الأبعاد.
تاريخياً، كانت مساهمة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ضئيلة، لكن المنطقة حاليا تساهم بحوالي 30% من إنتاج النفط العالمي، و18% من إنتاج الغاز الطبيعي، كما تحتوي على احتياطيات كبيرة من "المعادن الانتقالية".وبما أن قطاع الطاقة يساهم بأكثر من 70% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، فإن إنتاج الوقود الأحفوري في المنطقة في العقد الماضي جعل منها واحدة من المناطق ذات أعلى نسبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للفرد.
وفي هذا السياق، أصبح الانتقال إلى الطاقة النظيفة،ضرورة لا مفرّ منها لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي قامت معظمها بصياغة استراتيجيات، وتعهدات بزيادة إنتاج الطاقة النظيفة، وخفض أو التقاط انبعاثات الكربون، بالإضافة إلى تعزيز الكفاءة الطاقية.
وفي حين أن هذه الالتزامات من شأنها أن تعود بالنفع على البيئة، فإن الحوافز الاقتصادية والتحديات المرتبطة بالاحتياجات المحلية المتغيرة، وأسواق الطاقة العالمية، هي التي تدفع استراتيجيات الانتقال الطاقي في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الى الامام.
سلسلة الندوات الافتراضية لمعهد حوكمة الموارد الطبيعية
أطلق معهد حوكمة الموارد الطبيعيةسلسلة ندوات افتراضية باللغة العربية بعنوان "الانتقال الطاقي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: الطريق إلى مؤتمر الأطراف 28 ، بغرض استكشاف حلول لمجموعة من القضايا المتعلقة بالانتقال الطاقي العادل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتهدف السلسلة إلى الاستفادة من المعرفة، والخبرات المتنوعة لمجموعة من المختصين في المنطقة، لإصدار توصيات وأولويات سياسية قابلة للتنفيذ، من أجل تعزيز الانتقال الطاقي العادل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك توصيات محدّدة للنظر فيها في سياق مؤتمر الأطراف 28. سَعت السلسلة إلى تفصيل أبعاد الانتقال العادل، والذي من شأنه القطع مع المسار الإقتصادي الحالي وخلق نمو مُنصف، وعدالة طاقية، وإتاحة فرص التعاون والمشاركة بين الدولة والقطاع الخاص بصفة تأخذ بعين الاعتبار قدرات كل دولة ومواردها ومسؤوليتها التاريخية في الاحتباس الحراري.
يُفصل هذا التقرير التوصيات الرئيسية المستقاة من سلسلة الندوات. ويمكن للراغبين في الحصول على مزيد من التفاصيل حول المواضيع التي تم التطرق إليها مشاهدة تسجيلات الندوات.
تختلف الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل كبير بناءً على التركيبة الاقتصادية، ومستويات إنتاج الوقود الأحفوري، والاعتماد الاقتصادي على الصادرات أو الاعتماد على الواردات من أجل تلبية احتياجات الطاقة المحلية. وتنقسم دول المنطقة إلى فئتين عريضتين:
- الدول الغنية بالنفط والغاز، والتي تواجه معظمها صعوبات متفاوتة في تنويع اقتصاداتها بما يتجاوز الاعتماد على صادرات الوقود الأحفوري، وتواجه الآن احتمال انخفاض القيمة طويلة الأجل لمنتَجها الرئيسي. ولقد قاومت حكومات هذه الدول سردية انخفاض إنتاج الوقود الأحفوري بشكل كبير، وركّزت بدلًا من ذلك في خطابها على خفض الانبعاثات المحلية والاستثمار في الطاقات النظيفة. وهناك تباين في مدى هشاشة الوضعية الاقتصادية وقوة حوافز التغيير داخل هذه المجموعة:
- الدول التي تتمتع باحتياطيات قليقة الكلفة ووفيرة، وتطمح إلى أن تظل "آخر الدول الصامدة" في إنتاج النفط والغاز، والتي تمتلك احتياطيات مالية في صناديق الثروة السيادية الخاصة بها لمساعدتها على اجتياز الانتقال. وتشمل هذه الدول المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر.
- تفتقر الدول النفطية الأخرى، مثل العراق، إلى الاحتياطيات المالية اللازمة لتمويل الانتقال، ومن المرجح أن تواجه مشاكل أكثر خطورة في السياق الانتقالي.
- الدول التي تمتلك إحتياطيات عالية الكلفة، والتي تعتمد على شركاء خارجيين في الاستخراج وتوفير رأس المال، مثل الجزائر ومصر. تواجه هذه الدول تهديدات أكثر حدّة في الوضع الراهن، حيث أن احتمال انخفاض الاستثمار العالمي على المدى الطويل سيجعل من الصعب عليها الحفاظ على مستويات الإنتاج التي تعتمد عليها ميزانيات دولها.
- الدول ذات الموارد المحدودة من الوقود الأحفوري حيث إنتاجها من النفط والغاز قليل أو معدوم. وتسعى هذه الدول على تلبية إحتياجاتها الوطنية من الطاقة والتنمية. وتختلف دول هذه المجموعة في مدى تركيزها على إنتاج الطاقات النظيفة:
- تسعى بعض الدول على غرار المغرب لتعزيز الدور الذي تلعبه في مجال الطاقات النظيفة على الصعيد العالمي من خلال تعجيل الاستثمار في الطاقات المتجددة، وابرام تفاهمات "الشراكة الخضراء" مع الدول المستورِدة للطاقة على أمل أن تصبح ممراً أخضرًا نحو أوروبا.
- هناك دول أخرى، مثل لبنان، التي لم تنجح حتى الآن في تطوير استراتيجيات سليمة لزيادة الوصول إلى الطاقات النظيفة. و يواجه مواطنوه انقطاعات في التيار الكهربائي. ويتخذ الناس في هذه الدول مبادرات فردية "للتحوّل الأخضر"، مثل تركيب الألواح الشمسية لمعالجة نقص الطاقة.
ضمان العدالة في الانتقال الطاقي في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
تبنّي رؤية شاملة للانتقال الطاقي تجمع بين الحوافز الاقتصادية وأجندة السياسات المحلية التي تُركّز على الانتقال الطاقي
على الرغم من هذه السياقات المتنوعة، فإن الحافز الاقتصادي يمثل الدافع الرئيسي للانتقال الطاقي في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تسعى للحد من الاستهلاك المحلي للنفط والغاز، سواء للرفع من إيرادات الصادرات، أو للحدّ من تصدير الوقود الأحفوري وفواتير الدعم.
تعتبر هذه الاعتبارات الاقتصادية أمرًا أساسيًا لتحقيق الاستقرار الاجتماعي، خاصًّة عند النظر إلى العقود الاجتماعية القائمة في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي تعتمد في معظم الحالات بشكل كبير على توفير الدولة للخدمات الأساسية بأسعار معقولة. ومع ذلك، لا ينبغي أن ينتقص هذا من الاعتبارات السياسية متعدّدة الأبعاد اللازمة لضمان دعم استراتيجيات الانتقال الطاقي بالدول للعدالة والمساواة لجميع المواطنين والمقيمين. لذلك، يجب على حكومات دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التوفيق بين النهج الاقتصادي السائد حاليًا في الانتقال الطاقي لديها مع الحاجة لضمان العدالة والاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
ولا يمكن للحكومات تسهيل الانتقال الطاقي العادل إلا من خلال التركيز على الافراد، سواء كأصحاب المصلحة النشطين في وضع الرؤى والاستراتيجيات ومراقبتها، أو " مُنتجين مُستهلكين" أي مستهلكي الطاقة الذين يولدون الكهرباء لاستخدامهم الخاص، بعد ظهور تكنولوجيات الإنتاج الصغيرة، التي تعمل بمصادر الطاقة المتجددة.
يتطلّب الانتقال العادل أيضًا إطارًا قانونيًا تمكينيًا وحوافز مالية. ويُشكّل ذلك تحديًا خاصًا في سياق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فغالباً ما يكون المواطنون مهمّشين عن عملية صنع القرار وغير قادرين على محاسبة الحكومات نظراً للقيود المفروضة على الحيز المدني بدرجات متفاوتة في جميع أنحاء المنطقة، خاصة في بعض القطاعات مثل الطاقة بعلّة أنها قطاعات تقنية بحتة.
وفيما يتعلق بذلك، تُعرف المنطقة بتاريخ من العلاقات الأبوية بين المواطن والدولة، حيث توفّر الدول المركزية القوية فوائد مادية مثل الخدمات، والإعانات وفرص العمل، مُقابل مشاركة سياسية، وحريات مدنية وسياسية محدودة. مما أدّى إلى تآكل المواطنة، حتّى أن كثيرًا ما يتصوّر معظم المواطنين أّنهم مجرد مستهلكين سلبيين، وغير مسؤولين عن الطاقة والسلع المدعومة التي توفرها الدولة.
للتغلب على هذه التحديات التاريخية والهيكلية، يجب على الحكومات أن تؤسس الانتقال الطاقي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على سياسات ترتكز على المواطنين، حيث تكون العدالة البيئية، والاجتماعية، والاقتصادية في المركز والمقدمة، وحيث يتم تسليط الضوء على أصوات الشباب والمجتمع المدني. مثلاً تعمل المنظمات الشريكة لمعهد حوكمة الموارد الطبيعية في المغرب، على أداة تشاركية تُقيّم شمولية المشاريع الخضراء في المناطق، مع افتراض أن زيادة الشمولية سيؤدي إلى قبول أكبر للمشروعات.
ويتزايد قلق المواطنين في المنطقة لأن العديد من المشاريع الخضراء، تهدف إلى خدمة الاحتياجات الأوروبية والأجنبية، أكثر من الاحتياجات المحلية. لذلك، يتعيّن على السلطات الوطنية والمحلية، إشراك الافراد على جميع مستويات دورة المشاريع الخضراء، للحدّ من المخاوف والحثّ على تعاون أفضل بين أصحاب المصلحة المختلفين المُتأثّرين.
بالإضافة إلى ذلك، فإن معرفة مُموّل مشاريع الانتقال الطاقي، أمرًا أساسيًا في ضمان عدالة هذا الانتقال على الصعيد العالمي. يتطلّب تحويل أنظمة الطاقة من الوقود الأحفوري، إلى الطاقة الخضراء استثمارات ضخمة في البنية التحتية، والتقنية، ورأس المال البشري. ويقدّر المبلغ المطلوب عالميًا بتريليونات الدولارات. وبينما يمكن للمصادر المحلية (مثل ميزانية الدولة، والأفراد، والقطاع الخاص) تمويل الحدّ من آثار تغيّر المناخ والتكيّف معه، فإن الدول المتقدمة التي ساهمت بأكبر قدر في تغير المناخ، يجب أيضًا أن تمّول الاستجابة لتغيّر المناخ في الدول النامية.
يجب أن تستفيد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من هذا التمويل الدولي. ذلك لأنه بالرغم من أنها واحدة من المناطق الأكثر تأثُراً بتغير المناخ، فإنها لم تُسهم تاريخياً في خلق هذه المشكلة بقدر مُساهمة الدول المتقدمة. ولكن على مدار العقد الماضي، تلقّت المنطقة 11% فقط من المبلغ المطلوب لدول المنطقة، والمقدر بنحو 570 مليار دولار أمريكي، من أجل الوفاء بالتزاماتها ("المساهمات المحددة وطنيًا") بموجب اتفاقيات الأمم المتحدة بشأن تغيّر المناخ، (بما في ذلك 4% فقط من صناديق المناخ التابعة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ/UNFCCC).
الأولويات والتوصيات من أجل انتقال طاقي عادل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
توصيات لجميع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
تعزيز دور المواطنين باعتبارهم المستفيدين من الانتقال الطاقي
يتعيّن على حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن تعطي الأولوية للقضايا الرئيسية المتعلقة بالانتقال الطاقي، مثل العدالة، والإنصاف، والمساواة لجميع المواطنين. على أن يشمل مسار الانتقال الطاقي نوعين من العدالة: العدالة الإجرائية، التي تتعلق بمدى مشاركة الافراد في المسار الانتقالي، وعدالة التوزيع التي تمثّل التوزيع العادل للآثار الإيجابية والسلبية للانتقال الطاقي. ومن أجل ضمان هذه العدالة، يجب أن تبدأ القرارات المتعلقة بالانتقال الطاقي من القاعدة إلى القمة، وألّا تصدرها الدولة على نحو منفرد. كما يجب أن تكون مشاريع الطاقة المتجددة مرتبطة بالمكان أو متفهمة للسياق.
من ثم، فإن نجاح المشاركة المجتمعية ضروري لبناء الثقة والقبول لدى المواطنين، حتى يتمكنوا من رؤية انعكاس فوائد تلك المشروعات على مصلحتهم ومصلحة الوطن. مما يتطلب تضافر جهود الحكومات لبناء وتنفيذ آليات فعّالة من أجل إشراك المجتمعات المحلية. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومات ومُمثّلي المجتمع المدني، الابتعاد عن نهج الدولة الأبوية السائد، وتعزيز وعي المواطنين ومشاركتهم الإيجابية في مسار الانتقال الطاقي، سواء كجهات رقابية أو "منتجين مستهلكين" للطاقة.
ضمان القبول المجتمعي والاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة والمشاريع الخضراء
تعد مشاركة المجتمع شرطًا أساسيًا للانتقال الطاقي العادل. كما يعد القبول المجتمعي ضروريًا لتجنب تكرار نماذج الصناعات الاستخراجية التاريخية، والتي غالبًا ما تؤدي إلى مجتمعات منتجة تتحمّل وطأة الآثار السلبية للاستخراج، ورفض المشاريع وإعاقتها. ويتطلّب تعزيز الانتقال الطاقي العادل الذي يضمن المنفعة للجميع، مُشاركة الحكومات والشركات في مشاورات مجتمعية ترتكز على الحوار، وزيادة الوعي، وإدارة التوقعات. كما يتعيّن على الحكومات الالتزام بتحقيق منافع واضحة للمجتمعات المحلية، حتى يحظى مسار الانتقال الطاقي بالدعم العام، ولا يتخلف عنه أحد، بما في ذلك من تنمية، وخلق فرص عمل سواء على المدى القريب أو البعيد، من خلال الروابط الاقتصادية والتنويع. يجب ألّا تكون المشاريع مثل الهيدروجين الأخضر مصدرًا للضرر؛ لذا، على الحكومات والسلطات المحلية، زيادة وعي السكان بأهمية تلك المشاريع لتحقيق المنافع المحلية والوطنية، وعليهم أن يتأكدوا مع الباحثين ومراكز الأبحاث، من الاستجابة لمخاوف الناس فيما يتعلق باستخدام مصادر جديدة مثل الهيدروجين، بشكل يضمن عدم إلحاق أي ضرر بالمجتمع والبيئة، ولا سيّما بالمياه التي يندر وجودها بالفعل في المنطقة.
معالجة احتكارات الدولة وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مشاريع الطاقة المتجددة
يعد ذلك ضروريًا لاستغلال الدور المهم الذي يلعبه القطاع الخاص، في دفع التقدّم التقني والابتكارات اللازمة، لمشاريع الطاقة المتجددة والانتقال الطاقي عالميًا، ومحليًا. ولا يتمتع القطاع الخاص في دول الخليج، والعديد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بقدرة تنافسية كبيرة، بسبب تاريخ النظام السياسي، الذي يعتمد على الدولة باعتبارها المزوّد الرئيسي للخدمات، وفرص العمل. مما جعل القطاع الخاص إما هشاً أو متحالفاً بشكل وثيق مع مؤسسات الدولة، وأدّى إلى خلق احتكارات لاتعزيز المنافسة، داخل القطاع الخاص نفسه، أو بين القطاعين الخاص والعام.
يتعيّن على الحكومات أن تقنع القطاع الخاص بأهمية مشاريع المناخ، من أجل تعزيز مشاركته وقدرته التنافسية، عن طريق خلق الحوافز المالية، وغيرها للجهات الفاعلة الوطنية والدولية. كما عليها النهوض بالأُطر والسياسات القانونية، المتعلقة بالاستثمار بوجه عام، وفي قطاع الطاقة بوجه خاص. كما ستستفيد حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من إقامة الشراكات بين القطاعين العام والخاص. مما يتطلّب ضمان التعاون الوثيق، بين الدول وهيئاتها العامة من جهة، والقطاع الخاص من جهة أخرى.
ضمان مشاركة القطاع العام في تهيئة بنية تحتية تمكينية وبيئة تنظيمية لمشاريع الطاقة النظيفة
تُعدّ المشاركة الفعّالة للقطاع العام أمرًا أساسيًا، لضمان الإدارة الفعّالة (الهياكل القانونية والمؤسسية)، والبنية التحتية (شبكة طاقة مستقرة) من أجل انتقال طاقي ناجح. بالإضافة إلى وضع رؤية شاملة يتم من خلالها السعي إلى الاستثمار الخاص والتفاوض بشأنه، ويجب على الجهات الفاعلة في القطاع العام أيضًا، زيادة مستوى الوعي بين الجمهور بضرورة الانتقال الطاقي.
وتتمثّل إحدى الفجوات الرئيسية في القطاع العام، في معظم دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في الحاجة إلى هيئات تنظيمية قوية لإنتاج الطاقة. في الواقع، أن الأطر المؤسسية القوية والهيئات التنظيمية ذات الكفاءة، ضرورية لجذب التمويل الدولي للمشاريع العملاقة، ولتصميم تلك المشاريع وتنفيذها. وفي حين أن تأمين التمويل الدولي لمشاريع الانتقال الطاقي أمر مهم، فإن ضمان فعالية تلكالمشاريع وفائدتها، والإشراف عليها يعدّ أكثر أهمية. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تضمن اللوائح التنظيمية، وجود الأطر التي تحكم الصراعات المحتملة، بين مقدمي الخدمات المملوكة للدولة، والمستثمرين من القطاع الخاص.
تعزيز التعاون الإقليمي
هناك سوابق للتعاون الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فعلى سبيل المثال، تتمثّل مهمة هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي، في ضمان شبكة ربط مرنة لتأمين الطاقة، والمنافع الاقتصادية عبر الأعضاء الستة لمجلس التعاون الخليجي المكوّن من البحرين، والكويت، وعُمان، وقطر، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة.
على الرغم من ذلك، مازالت المنطقة تعاني من نقص في التعاون الدولي حاليًا، في قطاع الطاقة والانتقال الطاقي. إن مثل هذا التعاون يمكن أن يكون مفيدًا، خاصة بين دول الخليج الغنية بالنفط والغاز، ودول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا غير الغنية بالوقود الأحفوري، لمساعدتها على سدّ فجوة تمويل الانتقال الطاقي لديها. وبما أن دول الخليج مثل الإمارات، تعهدت بتقديم مليارات الدولارات، لتمويل التكيّف مع تغير المناخ في إفريقيا، فيجب عليها وبقية دول مجلس التعاون الخليجي، بذل جهود مماثلة لتوفير تمويل مناخي خالٍ من الديون لتلك الدول الأقل ثراءً. وينبغي لدول المنطقة أن تعطي الأولوية للاستثمار في إنتاج المعرفة المحلية، والبحث العلمي القوي. ولسدّ هذه الفجوة، يجب على الحكومات، ومؤسسات البحث، والجامعات أن تتعاون من أجل إنشاء نظام بيئي يُترجم نتائج البحوث إلى تطبيقات عملية، مع الأخذ في الاعتبار السياقات المحلية والرؤى البحثية الإقليمية. مما سيؤدي إلى نتائج ملموسة ومؤثرة في المنطقة.
توصيات لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الغنية بالنفط والغاز
خفض كثافة الانبعاثات الناتجة عن الإنتاج الحالي
تُسهم انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناجمة عن إنتاج ومعالجة ونقل النفط والغاز في تغيّر المناخ إلى حد بعيد. ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة وعالمنا في البيانات، فهي المسؤولة عننسبة كبيرة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمي. تطمح العديد من الدول الغنية بالنفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى أن تكون من بين "آخر المنتجين الصامدين"، وتتأثر هذه الطموحات بكثافة الانبعاثات من إنتاجها. وبشكل خاص، يمكن أن يؤثر الحدّ من انبعاثات الإنتاج بشكل كبير على الملامح الإجمالية للانبعاثات لهذه الدول وفعالية طموحاتها المناخية – بما في ذلك الحد من حرق الغاز، والتنفيس، والتسربات، واحتمال استخدام الطاقة النظيفة لتشغيل عمليات النفط والغاز –. وسيؤثر ذلك على القدرة التنافسية لقطاعاتها الهيدروكربونية ــ وبالتالي سيؤثر على إيراداتها على المدى الطويل ــ بينما يقوم العالم بشكل متزايد بسنّ سياسات لتمييز البراميل "منخفضة الكثافة" في السوق. كما أنه سيقلل من الآثار السلبية للتلوث الناتج عن استخراج النفط والغاز، على الصحة والبيئة المحلية.
سيكون التغلب على العقبات التقنية والتنظيمية التي تحول دون استخدام آليات توليد الطاقة النظيفة للاستخراج، والحدّ من حرق الغاز، وخفض الانبعاثات مُهمًا بالنسبة لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المُصدّرة للنفط والغاز، والتي تسعى لمواصلة تصدير الوقود الأحفوري في السوق العالمي المقيِّد بشكل متزايد.
إجراء تحليل دقيق للسيناريو المتعلق باستثمارات شركات النفط الوطنية والحدّ من "المشاريع المحفوفة بالمخاطر"
لا تتمتّع كل الدول المنتجة للنفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمكانة جيدة تؤهلها لتكون من ضمن آخر المُنتجين الصامدين. فإن وتيرة الانتقال الطاقي العالمي غير واضحة، لكن الوكالة الدولية للطاقة أشارت إلى أنه ليس من المرجح أن يستمر سيناريو ارتفاع الطلب على النفط. وعلى الدول ذات الاحتياطيات الأعلى تكلفة، مثل مصر، وعُمان، والجزائر أن تنتبه لزيادة احتمالية انخفاض أسعار النفط والغاز على المدى الطويل لأقل من المعتاد، وأن تتجنب استثمار مبالغ ضخمة من الإيرادات العامة في مشروعات عالية التكلفة عبر شركات النفط الوطنية، والتي تعتمد على أسعار النفط المرتفعة على نحو دائم حتّى تكون مُربحة.
التخطيط لآثار الانتقال طويل الأجل على أنظمتها المالية وتكييف خطط الاستثمار العام من أجل التحول الاقتصادي
إن دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الغنية بالنفط والغاز "مدمنون على عائدات صادرات الوقود الأحفوري". ويتمتّع بعضهم بإمكانيات جيدة، تسمح لهم بالاستمرار في تحقيق إيرادات كبيرة في هذا القطاع لسنوات قادمة. لكن، يتعيّن عليهم تعديل خططهم طويلة الأجل للاستثمارات العامة والإنفاق، حتّى تصبح أقوى في مواجهة الانخفاضات طويلة الأجل المُحتملة لعائدات النفط والغاز. واليوم، أصبح الاستثمار العام في تحويل الاقتصادات وتقليل الاعتماد على القطاع، أكثر أهمية من أي وقتٍ مضى، خاصة بالنسبة للدول التي تواجه بالفعل عجزًا في الميزانية، وتفتقر إلى صناديق الثروة السيادية الكبيرة، التي يمكنها الاعتماد عليها. يتعيّن أيضًا على هذه الدول أن تعمل على زيادة الجهود لتوفير المزيد من الأموال، وجذب الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة.
لطالما كان التحدي المُتمثّل في التحوّل الاقتصادي صعبًا بالنسبة لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولم تُسفر سلسلة الندوات الافتراضية التي نظّمها معهد حوكمة الموارد الطبيعية عن إجابات سهلة، ولكنها سلّطت الضوء على أهمية إجراء المزيد من البحوث، والاهتمام من الجهات الفاعلة، الحكومية وغير الحكومية على حدّ سواء. ففي دول مثل العراق، التي تتمتع باحتياطيات كبيرة، ولكن بلا احتياطيات مالية فائضة، تراهن الحكومات بشكل كبير على الغاز، كوسيلة للانتقال ومواصلة توليد الإيرادات لقطاع الوقود الأحفوري. وعلى الجهات الحكومية و غير الحكومية في هذه الدول، أن تتشارك وتتعاون معًا للعمل على مستقبل الغاز حتّى يتم استخدامه داخلياً أو تصديره للخارج.
تبنّي رؤية شاملة للانتقال الطاقي تجمع بين الحوافز الاقتصادية وأجندة السياسات المحلية التي تُركّز على الانتقال الطاقي
على الرغم من تعهدها بخفض الانبعاثات، لا تزال دول الخليج تعتمد على الوقود الأحفوري محليًا في الكهرباء والنقل، واحتياجات الطاقة الأخرى. مما يساهم جزئياً في ارتفاع نصيب الفرد من انبعاثات الكربون في الخليج، ويعيق الحقّ في بيئة نظيفة للمقيمين في تلك الدول. لذا ينبغي عليها السعي إلى انتقال عادل، من خلال اهتمام حكومي مكثف بالقضايا البيئية والاجتماعية، بالإضافة إلى مصالح الاقتصاد الكلّي.
وعلى الدول المُصّدرة للنفط أن تعترف بأثرها البيئي، وأن تلتزم بممارسات مسؤولة ضمن إطار الاقتصاد الدائري. ويستلزم ذلك الحدّ من الآثار البيئية السلبية لإنتاج النفط وتكريره، واستمرار الاستثمار بكثافة في التكنولوجيات الجديدة، مما سيؤدي إلى منتجات صديقة للبيئة.
توصيات للدول غير الغنية بالنفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
تبنّي نهج الربح المتبادل لكلا الطرفين في الانتقال الطاقي ما بين الحكومات والمستثمرين
يجب على الدول التي تفتقر لمخزون الوقود الأحفوري، أن تجد توازنًا سليمًا بين معالجة العجز المحلي في الطاقة، والفوائد المحلية من جهة، والشراكات بين دول الشمال والجنوب، التي تشجع على إنتاج الطاقة المتجددة لتصديرها من جهة أخرى. بالنسبة لتلك الدول التي تواجه تحديات مالية، يعد استقطاب الاستثمارات الأجنبية أمرًا ضروريًا، حتّى تتحمّل تكلفة منتجات الطاقة النظيفة. وأشار الكثيرون إلى خطر الاستثمار الأجنبي في مسار الانتقال الطاقي، الذي قد يؤيد "الاستعمار الأخضر" والنموذج الاستخراجي، بسبب فرض الشروط على الاستثمارات، وخضوع الدول المستفيدة لمصالح المستثمرين الأجانب (من القطاعين العام والخاص).
و لكي تضمن الدول التي تحتاج إلى الاستثمار الأجنبي إتَباع نهج الربح للجميع، يجب على حكوماتها التي تقبل الاستثمارات الأجنبية أن تتحقق من أنَ المشروعات الممولة تُقدم منافع على الصعيدين الوطني والمحلي، تحديدًا في قطاع الطاقة والانتقال الطاقي، وتضيف أيضًا قيمة اقتصادية إجمالية. يمكن أن تشمل هذه المنافع نقل التقنيات، وإعادة تدريب العمالة بهدف ضمان وجود رأس المال البشريّ الماهر على المستوى الوطني. كما يجب على الحكومات، أن تستفيد من الاستثمار الأجنبي لزيادة الكهرباء، مع تحديد التزامات المسؤولية الاجتماعية للشركات الأجنبية، وضمان تنفيذها والعمل بها.
يجب أن تضمن الحكومات في الجنوب، أن التعاون مع دول الشمال في إنتاج الطاقة المتجدّدة يُلبي الاحتياج المحلي منها، وذلك قبل تصدير الفائض. وعندما تركّز دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على مشاريع الربط المشتركة التي تتمحور حول الصادرات، مثل مشروع إلميد الذي يربط بين تونس وإيطاليا، أو مشروع إكس-لينكس الذي يربط المغرب والمملكة المتحدة، فإنها يجب أن تطالب بالتركيز على المنافع الوطنية، مثل التمويل لتطوير البنية التحتية للشبكة الوطنية.
إنشاء سجل لتوثيق تطوير وتنفيذ مشاريع الطاقة الخضراء القابلة للتطبيق
يجب على الحكومات التي تسعى للحصول على تمويل المناخ، أن تضمن توفير "بيئة تمكينية" مناسبة. ويتطلب ذلك في المقام الأول وجود إدارة رشيدة، تعمل بمبدأ الشفافية والقيم الديمقراطية، مثل الرقابة ومشاركة المواطنين، ووجود مؤسسات مالية وإدارية متمكّنة ومؤهَلة. والأهم من ذلك، فإن الدولة بحاجة إلى رؤية واستراتيجية واضحة، تدعّم رحلتها في تحقيق أهداف الانتقال الطاقي.
التوصيات لمنظمات المجتمع المدني والناشطين
اغتنام فرص التفاوض التي تُتيحها المُلتقيات مثل مؤتمر الأطراف/ المناخ لتسليط الضوء على أصوات المواطنين واحتياجاتهم.
من الضروري جدًا وجود الناشطين البيئيين والأطراف الفاعلة في المجتمعات المدنية، لتوصيل أصواتهم في الملتقيات الدولية مثل مؤتمر الأطراف من أجل تحقيق التوازن بين مصالح النفط والغاز التي لا تزال تهيمن على النقاشات، وجعلها أكثر تركيزاً على المواطنين والمجتمع. كما يجب أن تسعى منظمات المجتمع المدني في مؤتمر الأطراف 28، والذي سيعقد في دبي خلال شهر ديسمبر2023، للتأثير في النقاشات المتعلقة بتمويل المناخ، والالتزامات المتعلقة بصندوق الخسائر والأضرار في الدول ذات الوضع الاقتصادي الهش. وبعد الاتفاق على إنشاء صندوق الخسائر والأضرار خلال مؤتمر الأطراف 27، من المقرر أن يستضيف مؤتمر الأطراف 28 مناقشات ومفاوضات هامة حول الآليات الفعلية لهذا الصندوق ونطاقه. لذلك، على المجتمعات المدنية والجهات الفاعلة أن ترصد التقدّم بمزيد من اليقظة، من أجل تحقيق أهداف التمويل المناخي المُتفق عليها.
تعزيز الجهود التي تبذلها الحكومات في زيادة الوعي لدى المواطنين مع ضمان التطور في مسار الانتقال الطاقي بطريقة عادلة وتشاورية
كما ذُكر أعلاه، يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تُعجل بالابتعاد عن العلاقة الأبوية بين الدولة والمواطن، وذلك من خلال التأكيد على المطالبة بالمشاركة في صنع القرارات، مع تغيير مواقف المواطنين وسلوكياتهم المتعلقة باستهلاك الطاقة وإنتاجها. ويتطلّب ذلك تكاتف جهود المنظمات، من أجل تعزيز قدراتهم الداعمة للمطالبة بإدراجهم في عملية تشكيل سياسات الانتقال الطاقي ورصدها. إضافةً إلى ذلك، يجب على منظمات المجتمع المدني المتخصصة في قضايا تغير المناخ والانتقال الطاقي، تسخير معرفتها وقدراتها لتحفيز المواطنين، من خلال تنظيم حملات تهدف لزيادة وعيهم.
فعندما تسعى الحكومات لإنشاء آليات المشاركة المجتمعية لتعزيز الانتقال الطاقي المُتمحور حول المواطن، حينها يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تؤدي دورًا هامًا كوسيط. على سبيل المثال، بإمكان هذه المنظمات التحقق من أن تحظى مطالب المجتمع بالاستفادة من المشروعات، عن طريق الحصول على الكهرباء، وضمان التنمية المحلَية، وتوفير فرص عمل، مع الأخذ بعين الاعتبار الحفاظ على الواقعية، وعدم الإضرار بالمواطن في مناطق أخرى. وبالتالي يمكن لهذه المنظمات التأكد من أن المشاركة المجتمعية تضمن تحقيق النفع للمجتمعات المحلية وغيرها.
تلعب منظمات المجتمع المدني في الدول الغنية بالنفط والغاز دورًا حاسمًا في تطوير العقد الاجتماعي، من أجل مساعدة المواطنين على استيعاب أن الانتقال الطاقي سوف يتطلب تغيّرات اقتصادية. وتغيّرات في طرُق تقديم الحكومات للخدمات، وتوفير فرص العمل، وإدارة الشؤون المالية، وفي الوقت نفسه، مساعدة الحكومات على استيعاب ما يحتاجه المواطن لقبول هذه التغيًرات، وتحمّل جزءاً من الأعباء المطلوبة للانتقال. لذلك، على هذه المنظمات أن تَحُثَّ على تحقيق مسار انتقال مُنظم، والذي سيشهد قيام الحكومات بإجراء التغيّرات اللّازمة لفرض حوكمة أقوى، تقوم على الشفافية والمُساءلة. خالقةَ بذلك بيئة خصبة للاستثمار ولتمكين الأفراد من النمو، وتطوير مهاراتهم من أجل مستقبل قائم على عالم الطاقة الجديد.
توصيات للمانحين الدوليين في مؤتمر الأطراف 28
تقديم بدائل قابلة للتنفيذ لمعالجة أوجه القصور في نظام تمويل تغير المناخ الحالي
كما ذُكر أعلاه، يعدّ تمويل المناخ الدولي شرطًا رئيسيًا، لضمان انتقال طاقي عادل على الصعيد العالمي. وبالرغم من ذلك، هناك نقصٌ في الوقت الراهن في هذه التمويلات، من حيث الأموال المُستثمرة مقارنةً بالالتزامات الدولية، بالإضافة إلى آليات التمويل.
فعلى سبيل المثال، يتم منح معظم هذه التمويلات على هيئة قروض مُيسّرة لصالح الحكومات، من أجل تنفيذ المشاريع الكبيرة. ومثل هذه القروض من شأنها أن تُثقل كاهل الدول المَدينة بالفعل. لذلك يجب على المانحين فهم احتياجات كل دولة مستفيدة من التمويل بشكلٍ أفضل، وتَجنب الاعتماد على اتباع نهجٍ واحد يُطبّق على الجميع.
سوف يكون موضوع تمويل المناخ قضية محورية للمناقشة أثناء مؤتمر الأطراف 28، ويجب أن تشمل هذه المناقشات تقديم خيارات أكثر استدامة للتمويل؛ بما في ذلك:
الضمانات المالية لتقليل المخاطر التي يتعرض لها المستثمرون.
المؤسسات المالية الوطنية والبنوك كمستثمرين محتملين.
توسيع نطاق المستثمرين ليشمل صناديق التقاعد (والتي تبحث دائماً عن استثمارات طويلة الأجل) .
آليات مثل السندات الخضراء، والتي تستهدف المستثمرين الذين لا يسعون فقط لتحقيق عوائد مالية، بل أيضاً تأثيرات مناخية إيجابية.
مقايضات الديون: حيث يتنازل الدائنون عن أجزاء من الديون المحلية مقابل أن تنفذ الدول المدينة مشروعات مناخية (بديل محتمل للدول غير المستقرة سياسيًا).
لا ريب أن تمويل المشروعات الكبيرة أمرٌ مهم، ولكن يجب أيضًا على المانحين وصناديق التمويل الخضراء، التفكير فيما وراء هذه المشروعات. إضافة إلى ذلك، يمكن أن تشمل جهود الحدّ من آثار تغيّر المناخ والتَكيّف معه، مشروعات أصغر تُديرها شركاتٌ ناشئة صغيرة ومتوسطة، والتي لا تتطلب تمويلاً كبيراً، ويمكن أن تستفيد كذلك من تمويل المناخ.
الخاتمة
تتعرّض دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كغيرها من الدول، لضغوطات من أجل الوفاء بالتعّهدات التي قُطِعت خلال مؤتمر الأطراف 21 في باريس. وتراهن دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الغنية بالنفط والغاز، ذات الموارد النقدية الوفيرة، على إنتاج المواد الهيدروكاربونية صديقة للبيئة وزيادة في إنتاج الطاقة الخضراء. حيث تسعى إلى انتقال طاقي منظم يناسب جدولها الزمني وآمن على شعوبها، ولكنها تحرص في الوقت نفسه على دورها كلاعب بارز في وضع أجندة الانتقال الطاقي على الصعيد العالمي من أجل تعزيز الطاقة الصديقة للبيئة.
لا يمكن لدولة واحدة أن تقف بمفردها في مواجهة تحدي تغيّر المناخ، ولا أحد يملك الحل النهائي للمشكلة، ولا يمكن لأي دولة الاعتماد بشكلٍ كليّ على حلّ واحد، وإهمال الحلول الأخرى. فالحلّ يكمن في تضافر الجهود بين الدول ذات التكنولوجيات المتقدمة والدول ذات الموارد المحدودة، للعمل معاً من أجل تحقيق مسار انتقال عادل. كما يجب تشكيل شراكات حقيقية لتُعجّل من تطوير وتنفيذ الحلول العملية، من خلال البحث والابتكار، والتي ستعود بالنفع على الجميع.
وقبل كل شيء، يجب على الحكومات والمؤسسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الاستثمار في البحث العلمي، حتّى يتسنى لشباب المنطقة المساهمة في السعي العالمي لإيجاد حلول للمشاكل العالمية. وعلاوة على ذلك، عليهم أيضاً تشجيع الابتكارات ونماذج الأعمال التجارية، التي سوف تخلق بدورها بيئة مناسبة لازدهار الشباب، ومساهمتهم في النمو اقتصادي لبلدانهم. يمكن أن يكون الانتقال الطاقي في المنطقة مفتاحاً للعديد من التغيّرات الأخرى، التي قد تفتح الباب للسلام والازدهار المنشودين.
الندوات الافتراضية
مؤتمر الأطراف والأمل في انتقال عادل للطاقة
25 مايو 2023
ضيوف الحلقة:
حمزة حموشان، منسّق برامج شمال إفريقيا المعهد العابر للقوميات (TNI)
نديم ابي اللمع، الوكالة الدولية للطاقة (IEA)
جسيكا عبيد، المستشارة في سياسات الطاقة
هاجر الخمليشي، شريكة مؤسسة ومديرة شبكة الشباب المتوسطي من أجل المناخ
انتقال الطاقة في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الغنية بالنفط والغاز
26 يونيو 2023
ضيوف الحلقة:
- د. منال الشهابي، مستشارة سياسات عامة وخبيرة في اقتصاد الطاقة والتنمية، جامعة أوكسفورد
- د. علي نعمة، عضو في التحالف العراقي للشفافية في الصناعات الاستخراجية
انتقال الطاقة وشركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
27 يوليو 2023
ضيوف الحلقة:
- د. كارول نخله، الرئيسة التنفيذية لشركة كريستول انرجي
- د. عمر العبيدلي، مدير إدارة الدراسات والبحوث بمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة
تمويل المناخ من أجل الانتقال الطاقي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
31 أغسطس 2023
ضيوف الحلقة:
هالة الحموي، باحثة في مجال تمويل المناخ بالمعهد العالمي للنمو الأخضر
عبد الرحيم عصاب، مُحلّل مالي واقتصادي، كلية إدارة الأعمال بجامعة إدنبرة
الانتقال الطاقي العادل على الصعيد الوطني في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
28 سبتمبر 2023
ضيوف الحلقة:
- خالد دراويل، مدير الطاقات المتجددة، بوزارة الصناعة والمناجم والطاقة تونس
- مارك أيوب، معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت
انتقال الطاقة والتكنولوجيات الحديثة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
26 أكتوبر 2023
ضيوف الحلقة:
- د. عبد الله العباسي، مدير برنامج دراسات الطاقة والبيئة بمركز "دراسات" بالبحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة
- د. آسيا زنودة، الأستاذة في المدرسة الوطنية للمهندسين (تونس)
شكر وتقدير
يودّ فريق معهد حوكمة الموارد الطبيعية، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن يشكر جميع الخبراء الذين شاركوا في الندوات الافتلااضية، وساهموا بالمعرفة والخبرة، في تطوير معهد حوكمة الموارد الطبيعية لهذه التوصيات، والتي أضاف إليها عناصر لم تتم بالضرورة مناقشتها في المؤتمرات. كما يشكر الفريق جميع الزملاء في معهد حوكمة الموارد الطبيعية، الذين راجعوا هذه الوثيقة وساهموا في وضع اللمسات الأخيرة لها. وشكر خاص لويليام ديفيس، وآرون ساين، وباتريك هيلر، ولي بيلي.
Authors
Laury Haytayan
Middle East and North Africa Director